الرب يتذكرك حتى عندما تشعر أنك متروك منه

Posted byArabic Editor June 10, 2025 Comments:0

(English Version: “The Lord Remembers You – Even When You Feel Abandoned By Him!”)

هل شعرت يومًا أنك متروك من الله بسبب ظروف صعبة طويلة الأمد؟ ربما كانت صعوبات مالية، أو مشاكل صحية، أو صراعات عائلية. مهما كان نوع المعاناة، كيف كان رد فعلك:

(١) خيبة أمل من الله؟

(٢) غضب تجاهه؟

(٣) إحباط واكتئاب؟

(٤) الصبر والانتظار عليه ليأتي بالفرج في وقته؟

في هذه الرسالة، هدفي هو أن أشجعنا جميعًا، عندما نواجه تجارب طويلة، على أن نُظهر الاستجابة رقم (٤): الصبر والانتظار على الله ليأتي بالخلاص في وقته. ولكن هذا أسهل قولًا من فعله! فكيف نطور مثل هذا الرد الإلهي — خاصة عندما لا يبدو أن هناك أي مخرج من التجارب؟ أعتقد أن الجواب يكمن في تبني هذه الحقيقة الكتابية:

الله لا ينسى أولاده. إنه يتذكرهم حتى عندما «يشعرون» أنهم متروكون منه!

أمثلة عن تذكر الله لشعبه:

نوح: أول مرة نقرأ فيها أن الرب تذكر خاصته هي في: «وتذكَّر الله نوحًا وجميع الحيوانات والدواب التي معه في السفينة…» (تكوين ٨:١). عبارة «لكن الله» تقف كضوء مشرق وسط ظلام دامس! ففي الآية السابقة قيل: «واستمرت المياه تغمر الأرض مائة وخمسين يومًا.» (تكوين ٢٤:٧). الطوفان قضى على العالم كله. وكان نوح وكل الذين معه في الفلك لا يزالون محبوسين في الداخل، غير قادرين على الخروج.

يمكنك أن تتخيل ما كان يجري في عقولهم أثناء وجودهم داخل الفلك — خاصة عندما تدرك مدة بقائهم فيه: تكوين ٦:٧ و ١١:٧ يقولان أن نوح كان عمره ٦٠٠ سنة عندما جاء الطوفان (بعد أسبوع من دخوله الفلك)، وتكوين ١٣:٨-١٥ يقول إن خروجه من الفلك كان بعد أن صار عمره ٦٠١ سنة تقريبًا. أي أنهم ظلوا في الفلك أكثر من سنة كاملة! كانت فترة طويلة جدًا محبوسين بينما كل شيء حولهم يموت!

ومع ذلك، يخبرنا الكتاب أن الله تذكر نوحًا. كلمة «تذكر» هنا لا تعني أن الله كان قد نسي نوحًا وكأن ذاكرته ضعفت، بل تعني «تذكر بلطف، واستجابة للطلبات، بالحماية والخلاص.» وفي هذا السياق، تعني أن الله كان يفي بوعده بإنقاذ نوح من خلال الطوفان، كما وعده سابقًا في: «أنا أقيم عهدي معك، فتدخل السفينة أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك.» (تكوين ١٨:٦). والآن، الله بدأ يضع وعده موضع التنفيذ.

إبراهيم: في محبته، سمع الله طلب إبراهيم من أجل ابن أخيه لوط (تكوين ١٦:١٨-٣٣)، وأنقذه حين دمر مدينتي سدوم وعمورة، كما يقول الكتاب: «وعندما دمر الله مدن السهل، تذكر إبراهيم، وأنقذ لوطًا من الكارثة التي حلت بالمدن التي كان لوط يسكن فيها.» (تكوين ٢٩:١٩).

بنو إسرائيل في مصر: في سفر الخروج، بينما كان شعب الله يعاني من العبودية في أرض مصر، نقرأ: «وتنهد بنو إسرائيل بسبب عبوديتهم وصرخوا، فصعد صراخهم إلى الله بسبب عبوديتهم. فسمع الله أنينهم، وتذكر عهده مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب. ونظر الله إلى بني إسرائيل، وعلم الله.» (خروج ٢٣:٢-٢٥). وفي محبته، أقام الله موسى الذي سيكون الأداة لإخراج الأمة من مصر.

حنّة: في (١ صموئيل ١١:١)، نقرأ عن حنّة، امرأة تقية ولكنها عاقر، تضرعت إلى «الرب القدير» قائلة: «يا رب الجنود، إن نظرت إلى مذلة أمتك، وذكرتني، ولم تنس أمتك، بل أعطيت أمتك نسلًا ذكرًا، فإنني أهبُه للرب كل أيام حياته.» (١ صموئيل ١١:١). وفي نفس الأصحاح قيل: «تذكرها الرب.» (١ صموئيل ١٩:١)، فحبلت وأعطيت ولداً دعته «صموئيل» قائلة: «لأني طلبته من الرب.» (١ صموئيل ٢٠:١).

المزامير: تكرّر المزامير مرارًا كيف أن الله تذكر شعبه في ضيقهم وأنقذهم، أو في بعض الحالات، عفا عنهم رغم خطاياهم. مثلًا:

«لقد تذكر رحمته وأمانته لبيت إسرائيل.» (مزمور ٣:٩٨).

«لأنه تذكر وعده المقدس الذي قطعه لعبده إبراهيم.» (مزمور ٤٢:١٠٥).

«فمن أجلهم ذكر عهده وندم بحسب كثرة مراحمه.» (مزمور ٤٥:١٠٦).

ليس غريبًا إذن أن يسبح الشعب الله كثيرًا، كما في هذا المثال: «الذي تذكرنا في مذلتنا، لأن محبته تدوم إلى الأبد.» (مزمور ٢٣:١٣٦).

اللص التائب على الصليب: ربما أجمل صورة لنعمة الله وتذكره للنفوس تأتي من رد يسوع على اللص التائب وهو معلق على الصليب. المشهد: يسوع معلق على الصليب، حاملاً خطايانا، متألمًا بشدة.

في ذلك الوضع، صرخ أحد اللصين المصلوبين إلى يسوع قائلاً: «اذكرني، يا يسوع، متى جئت في ملكوتك!» (لوقا ٤٢:٢٣). لاحظ معي رد يسوع المذهل: «الحق أقول لك: اليوم تكون معي في الفردوس.» (لوقا ٤٣:٢٣). ليس غدًا، ولا بعد شهر، ولا بعد سنوات، بل اليوم، وعده يسوع بالدخول إلى الفردوس معه!

تخيل الفرح الذي ملأ قلب اللص التائب عند سماعه لهذه الكلمات! وتخيل فرحه الذي لا يوصف بعد ساعات قليلة عندما مات وانتقل إلى السماء حيث كان يسوع في انتظاره!

أيها الإخوة والأخوات، هكذا يتذكر الله الذين يلجؤون إليه للخلاص!

ما الذي لا يتذكره الله؟

إذا لم تكن كل الأمثلة السابقة كافية لإظهار أن الله يتذكر شعبه بلطف، فها هنا شيء آخر يجلب أعظم عزاء للقلوب المتعبة: هذا الإله الذي «يتذكر» شعبه، يعد أيضاً ألا «يتذكر» خطايا جميع الذين يرجعون إليه بالتوبة والإيمان بيسوع المسيح مخلّصًا لهم.

يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: «وسأغفر لهم شرورهم، ولن أعود أذكر خطاياهم وخطاياهم إلى الأبد.» (عبرانيين ١٧:١٠). والأساس الذي بنى عليه الله هذا الوعد المدهش هو: «أما هذا (يسوع)، فبعد أن قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة إلى الأبد، جلس عن يمين الله.» (عبرانيين ١٢:١٠).

بمعنى أن: كل خطايانا قد غُسلت بدم يسوع. لم يعد هناك خوف من الدينونة. لم يعد هناك ثمن يجب دفعه عن خطايانا. كما يقول: «وحيث توجد مغفرة لهذه الخطايا، لا تكون هناك حاجة بعد لذبيحة عن الخطية.» (عبرانيين ١٨:١٠).

يا له من مصدر تشجيع عظيم لكل منا — خاصة عندما نشعر أحيانًا وكأن الله قد تخلى عنا! الله يعد بأنه لن «يتذكر» خطايانا بطريقة تفصلنا عن حضرته إلى الأبد. يا لها من فرحة! يا لها من تعزية عميقة!

ما الذي يتذكره الله؟

رغم فرحة معرفة أن الله لا يتذكر خطايا الذين رجعوا إليه، إلا أن هناك جانبًا آخر يجب أن نتأمل فيه: الله سيتذكر خطايا الذين يرفضون يسوع. لأنهم يموتون بدون غفران لخطاياهم، وسيواجهون دينونة الله في المستقبل. حينها، سيتذكر الله كل خطاياهم ويأتي بها كأساس لعقابهم الأبدي في بحيرة النار، وهو تعبير آخر عن الجحيم. يُعطينا سفر الرؤيا التفاصيل بوضوح:

«ثم رأيت عرشًا عظيمًا أبيض والجالس عليه، وقد هربت من أمام وجهه الأرض والسماء، ولم يوجد لهما مكان. ورأيت الأموات، الصغار والكبار، واقفين أمام العرش، وفتحت أسفار، وفتح سفر آخر هو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وأعطى البحر الأموات الذين فيه، وأعطى الموت والهاوية الأموات الذين فيهما، ودين كل واحد منهم بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني، بحيرة النار. ومن لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار.» (رؤيا ١١:٢٠-١٥)

انظر إلى العبارة المهمة في نهاية الآية ١٣: «ودين كل واحد منهم بحسب أعماله.» هذا يُعلّمنا حقيقة خطيرة: كل خطية يرتكبها الإنسان اليوم لن تُنسى، بل ستُستحضر كأساس للدينونة المستقبلية، إذا مات بدون غفران.

كل فكر شرير، كل كلمة شريرة، كل عمل خاطئ، وحتى كل فشل في عمل الخير الكامل ١٠٠٪ من الوقت — كل ذلك سيتذكره الله. تخيل العدد الهائل من الخطايا التي سيُحاسب عليها الإنسان بنفسه يوم الدينونة! والحقيقة أن لا أحد يستطيع أن يدفع ثمن خطاياه بنفسه، لأن لا أحد كامل. ولهذا، جميع الذين يرفضون يسوع سينتهون بدفع ثمن خطاياهم في بحيرة النار إلى أبد الآبدين.

إذًا، القرار واضح.

بالتوبة والإيمان يمكن للإنسان أن يأتي إلى يسوع، مخلّصًا وربًا، وهو لا يزال حيًا، حينها تُغفر خطاياه بالكامل، ولن يذكرها يسوع أبدًا ضده في المستقبل، وسيضمن أن يعيش معه إلى الأبد في السماء.

أو: يمكن للإنسان أن يرفض يسوع الآن، ويحمل كل خطاياه معه، ليواجه المسيح كديّان في يوم الدينونة الرهيب. في ذلك اليوم، سيتذكر يسوع كل خطية ارتكبها، وسيحكم عليه بالطرد الأبدي إلى بحيرة النار — أي الجحيم الحقيقي. وهناك سيختبر الإنسان ماذا يعني أن يكون متروكًا من الله إلى الأبد.

ماذا ستختار أنت؟ أن يذكرك يسوع بلطف كمخلّص لك؟ أم أن يذكر خطاياك كديّان لك؟

Category

Leave a Comment