كيف تختار شريك الحياة الزوجية

Posted byArabic Editor August 5, 2025 Comments:0

(English Version: “How To Choose A Marriage Partner”)

كانت فتاة صغيرة قد استمعت لتوها إلى قصة “سنو وايت” للمرة الأولى، فأعادت سرد القصة بحماس لأمها. وبعد أن حكت عن وصول الأمير الوسيم على حصانه الأبيض ليُعيد الحياة لسنو وايت بقبلة، سألت والدتها: “هل تعرفين ماذا حدث بعد ذلك؟” أجابت الأم: “نعم، عاشوا في سعادة دائمة.” لكن الطفلة عبست وقالت: “لا… تزوّجوا.”

بهذه البراءة الطفولية، نطقت الفتاة بنصف الحقيقة. فالزواج والسعادة الأبدية لا يتلازمان دائمًا، كما تُظهر الأدلة الكثيرة. لكن الله يعد بأن الزواج والسعادة يمكن أن يتلازما—إذا أطاع الإنسان تعاليمه كما هي مذكورة في الكتاب المقدس. ولأن أحد أبرز أسباب فشل الزواج هو الاختيار الخاطئ للشريك قبل الزواج، كُتب هذا المقال لمساعدة الشخص على اختيار شريك الحياة الصحيح من خلال ٥ حقائق كتابية.

كما يمكن للوالدين المسيحيين مساعدة أبنائهم في تطبيق هذه الحقائق عند البحث عن شريك.

١. العزوبية ليست لعنة

يرى العالم أن العزوبية نقص أو حتى لعنة! لكن على المؤمن أن لا يدع العالم يحدد له مشاعره، بل أن يسأل أولًا: هل مشيئة الله أن أتزوّج؟ ليس كل شخص مدعو للزواج [متى ١٩ : ١٠ – ١٢ ؛ ١ كورنثوس ٧ : ٢٥ – ٣٨]. بولس نفسه اعتبر عزبوبته عطية من الله [١ كورنثوس ٧ : ٧]. فإن دعاك الله للعزوبية، فلا تراها لعنة، بل دعوة وعطية لأجل مجده. وسيعطيك النعمة والفرح المناسبين لتعيشها.

كلنا كمؤمنين قد “باركنا الله بكل بركة روحية في السماويات في المسيح” (أفسس ١ : ٣)، و“في المسيح أنتم مكتمِلون” (كولوسي ٢ : ١٠). مباركون ومكتملون—تلك هي حالة كل مسيحي.

٢. قرّر أن تتزوّج فقط بمؤمن حقيقي

الكتاب المقدس واضح في هذا الأمر. في (١ كورنثوس ٧: ٣٩) يُقال إن للمؤمنة حرية الزواج “ولكن فقط في الرب”. أي أن الشرط الوحيد المُلزم هو أن يكون الطرف الآخر مؤمنًا حقيقيًا. حتى في العهد القديم، أمر الله شعبه بعدم الزواج من غير المؤمنين: “ولا تصاهرهم، لا تعطي بنتك لابنه، ولا تأخذ ابنته لابنك”(تثنية ٧: ٣)

لا يمكن للمؤمن أن يأخذ جسده، الذي يسكن فيه الروح القدس، ويوحّده مع من لا يزال في الظلمة الروحية والموت بالخطية (٢ كورنثوس ٦: ١٤–٧: ١). كما قال عاموس: “هل يسير اثنان معًا إن لم يتفقا؟” (عاموس ٣: ٣) لا يوجد اتفاق روحي بين المؤمن وغير المؤمن، لأنهما يعيشان في عالمَين مختلفين. ولا يمكن القول: “ربما أكون أنا الأداة التي من خلالها يخلّص الله هذا الشخص”، فهذا تفكير خطر ومتكبّر. لا أحد يقدر أن يضمن خلاص شخص آخر (١ كورنثوس ٧: ١٦). فكرة التبشير من خلال المواعدة غير كتابية!

مهما بدا الشخص غير المؤمن لطيفًا، لا يستطيع المؤمن أن يتزوجه. هذا ببساطة ليس مشيئة الله. مخالفة أوامر الله الواضحة هي خطية. والاعتماد على أن الله “سيغفر لاحقًا” هو تجربة لله—وهذا خطأ إضافي (متى ٤: ٧). مثل يوسف، عندما واجه تجربة، ماذا فعل؟ هرب! — (تكوين ٣٩: ١٢)

حتى عند البحث عن شريك مسيحي، يجب الحذر من التفكير الجسدي مثل: “هل هو جميل؟ هل هو غني؟” السؤال الأهم هو: “هل هو/هي مولود من جديد ويتبع يسوع بجدية؟” هل يظهر حب حقيقي للرب وكلمته وخدمته؟ هل هناك اتضاع، كراهية للخطية، محبة للبر، والتزام بالكنيسة؟ مؤسف أن البعض يجعل “الإيمان المسيحي” مجرد تفصيلة صغيرة! “لكن اطلبوا أولًا ملكوت الله وبرّه، وهذه كلها تُزاد لكم”(متى ٦: ٣٣)

٣. افهم دورك الكتابي كزوج، زوجة، وأب أو أم

من المهم أن يدرس كل من يفكر في الزواج المقاطع الكتابية التي تشرح أدوار الأزواج والزوجات المؤمنين، مثل: (أفسس ٥: ٢٢–٣٣)، (كولوسي ٣: ١٨–١٩)، (تيطس ٢: ٣–٥)، (١ بطرس ٣: ١–٧)، (أمثال ٣١: ١٠–٣١). كما يجب دراسة دور الأبوين: (أمثال ٦: ٢٠، ١٣: ٢٤، ٢٢: ٦، ٢٢: ١٥، ٢٩: ١٥)، (أفسس ٦: ٤)، (كولوسي ٣: ٢١). الفهم الكتابي يساعد على التحضير الحكيم للزواج.

يجب أن تكون لدينا توقعات واقعية. حين يعيش اثنان من الخطاة (وإن كانا مخلّصين بالنعمة) معًا، فستكون هناك تحديات. حتى مع الالتزام الكامل بتعاليم الكتاب، سيكون هناك أوقات ضعف من الطرفين. يجب أن يكون هناك التزام بالمحبة والغفران وقت الضعف.

كل زواج يحتاج إلى “جنازتين يوميًا” — أي موت الزوج والزوجة لأنانيتهما! كلا الطرفين يجب أن يعيشا حياة إنكار الذات. فالزواج ليس فقط فرحًا، بل هو واجب روحي لمجد الله. هناك أيام لن يبدو فيها الزواج “جميلًا”، اسأل أي زوجين لهما سنين طويلة معًا وسيسردان لك الحقيقة. لكن حتى في تلك الأيام، يجب أن نتذكّر أن الزواج هو عهد أمام الله القدوس، ويجب علينا أن نحترمه. ومع نعمته، يمكننا أن نحافظ على العهد، بل ونستعيد الفرح أيضًا.

٤. انتظر توقيت الرب

كثيرًا ما يأمر الله أولاده في كلمته أن “ينتظروا الرب”:

“انتظر الرب. ليتشدد وليتشجع قلبك، وانتظر الرب” (مزمور ٢٧: ١٤)

“صبرت انتظارًا للرب، فمال إليّ وسمع صراخي” (مزمور ٤٠: ١)

“نفسي تنتظر الرب أكثر من المراقبين الصبح…” (مزمور ١٣٠: ٥–٦)

التسرّع أفسد حياة الكثيرين. إبراهيم جلب الكثير من الألم لعائلته لأنه لم ينتظر توقيت الله لإنجاب ابن (تكوين ١٦). شاول خسر المملكة بسبب استعجاله (١ صموئيل ١٠ : ٨، و١٣ : ٨ – ١٤).

بنفس الطريقة، العديد من الزيجات تدمرت بسبب قرارات متسرعة. نعم، الوحدة والانتظار قد يكونان مؤلمين، وقد يكون من الصعب تحمّلهما. لكن كثيرين اندفعوا للزواج هربًا من الوحدة، ونسوا هذه الحقيقة: ألم الوحدة في زواج فاشل هو أكبر بكثير من ألم العزوبية. إنه مثل الذي يقفز من المقلاة إلى النار!

إذًا، احذر! انتظر توقيت الرب. تذكّر هذا الوعد: “لأنه منذ الأزل لم يسمعوا، ولا أصغت أذن، ولا رأت عينٌ إلهًا غيرك، يصنع لمن ينتظره” (إشعياء ٦٤: ٤) ما أروع ما يصنعه الله لأولاده حين يخضعون لتوقيته!

٥. صلِّ بلا انقطاع

الرب يسوع قالها بوضوح: “بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا” (يوحنا ١٥: ٥) إدراك هذه الحقيقة يجب أن يدفع المؤمن إلى الصلاة الجادة في كل الأمور وبالأخص في أمر اختيار شريك الحياة. حتى إن بدت الأمور ثابتة لا تتغير، علينا أن نتمسك بهذه الوصية: “ينبغي أن يُصلى كل حين ولا يُمل” (لوقا ١٨: ١). الصلاة يجب أن تترافق مع الصوم أيضًا.

فالرب يسمع صراخ أولاده المثابرين الذين يطلبون مشيئته في هذا القرار المصيري.

أفكار ختامية

أيها المؤمن العزيز، من خلال طاعة وصايا الله—الذي هو مؤسس الزواج—يمكنك أن تتزوّج (إن كانت مشيئة الله لك الزواج) وتعيش في سعادة حقيقية. أما تجاهل وصاياه فسيؤدي إلى الألم، كما قالت إحدى الزوجات المتألِمات:

“عندما تزوجت، كنت أبحث عن مثال مثالي… ثم تحول الأمر إلى معاناة… والآن أريد صفقة جديدة!”

الزواج ليس لعبة. إنه عهد مقدس أمام الله القدير! ويبدأ بالاختيار الصحيح قبل الارتباط.

تذكير أخير: الزواج ليس هدفًا في ذاته، بل وسيلة لهدف أعظم—هو تمجيد الله: “فكل ما تفعلونه، فافعلوه لمجد الله” (١ كورنثوس ١٠: ٣١) هذا التذكير سيحمينا من تحويل الزواج إلى غاية الحياة. حين يكون هدفنا الأول هو تمجيد الله، يكون الزواج مجرد وسيلة أخرى لتحقيق هذا الهدف.

وربما يقرأ هذا المقال شخصٌ قد اتخذ قرارات خاطئة في الزواج. لا تفقد رجاءك! اعترف بخطيتك للرب واطلب قوته لتواجه الوضع الحالي. هو أمين ليمنحك القوة لتعيش له وسط الصعوبات. وتذكّر دائمًا: أنت لست مرفوضًا من الله لأنك اتخذت قرارًا خاطئًا، ولست مقبولًا لأنه كان لك زواج ناجح. قبولك أمام الله قائم فقط على دم يسوع المسيح المسفوك لأجلك. فاسترح في أحضان هذا الإله الرائع الذي جعلك ابنًا أو ابنة من خلال يسوع!

Category

Leave a Comment