الجحيم: واقعيته وتداعياته – الجزء الأول
(English Version: “Hell – Its Realities and Implications – Part 1”)
الجحيم ليس موضوعًا شائعًا—حتى داخل الكنيسة. ومع ذلك، فهو موضوع بالغ الأهمية لأن الكتاب المقدس يتحدث كثيرًا عنه. المسألة ليست إن كان الموضوع يريحنا أم لا، بل تتعلق بالحقائق الصعبة التي نحتاج أن نتأملها باستمرار من أجل خلاصنا الأبدي!
كتب جي. سي. رايل، وهو واعظ تقي عاش قبل أكثر من قرن: “الحارس الذي يصمت عندما يرى حريقًا مذنب بإهمال جسيم، والطبيب الذي يقول لنا إننا نتعافى بينما نحن نموت هو صديق زائف، والخادم الذي لا يذكر الجحيم لشعبه في عظاته ليس أمينًا ولا محبًا.”
ولأني أسعى أن أكون أمينًا ومحبًا، أود أن أتناول موضوع الجحيم بوصف أربع حقائق عنه وما يترتب عليها من نتائج.
الحقيقة الأولى: الجحيم مكان حقيقي.
عدم إيمان شخص بوجود الجحيم لا يعني أنه غير موجود. الجحيم مكان حقيقي. لو لم يكن موجودًا، لماذا إذًا حذرنا يسوع مرارًا؟ ولماذا جاء ليبذل حياته لأجلنا حتى لا نذهب إلى هناك؟ قال يسوع: متى ١٠: ٢٨ “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكنهم لا يقدرون أن يقتلوا النفس. بل خافوا بالأولى من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم.” هذه الكلمات تفقد معناها لو لم يكن الجحيم حقيقيًا. إن كنا نؤمن بالسماء، يجب أن نؤمن بالجحيم أيضًا، لأن عدل الله وقداسته يتطلبان أن يُعاقب الخطيئة—إما على الصليب أو على الخطاة أنفسهم.
عندما نموت، نذهب مباشرةً إلى أحد مكانين: المؤمن إلى السماء، وغير المؤمن أولًا إلى الهاوية (مكان العذاب)، ثم يُطرح أخيرًا في الجحيم يوم الدينونة.
الحقيقة الثانية: الجحيم مكان عذاب أبدي واعٍ.
أ. مكان أبدي. قال يسوع: متى ٢٥: ٤٦ “فيمضي هؤلاء إلى العذاب الأبدي، والأبرار إلى الحياة الأبدية.” لاحظ أن الكلمة “أبدي” تنطبق على السماء والجحيم على حد سواء.
ب. مكان عذاب يوصف الجحيم بأنه أتون نار. قال يوحنا المعمدان: متى ٣: ١٢ “سيجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فسيحرقه بنار لا تُطفأ.” وقال يسوع: مرقس ٩: ٤٣ “إن أعثرتك يدك، فاقطعها! خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم، إلى النار التي لا تُطفأ.” وقال أيضًا: مرقس ٩: ٤٧-٤٨ “وإن أعثرتك عينك، فاقلعها! خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور، من أن تكون لك عينان وتُطرح في جهنم، حيث دودهم لا يموت والنار لا تُطفأ.”
وكتب بولس: ٢ تسالونيكي ١: ٨-٩ “بمعاقبة الذين لا يعرفون الله ولا يطيعون إنجيل ربنا يسوع. هؤلاء سينالون قصاصًا بهلاك أبدي بعيدين عن وجه الرب ومن مجد قوته.” وقال سفر الرؤيا: رؤيا ٢٠: ١٤-١٥ “وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذه هي الموت الثاني. ومن لم يوجد اسمه مكتوبًا في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار.”
ج. وعي بالعذاب. في الجحيم، الناس يعون عذابهم. قال يسوع: متى ٢٥: ٣٠ “اطرحوا العبد البطال إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصريف الأسنان.”
وقص يسوع قصة الغني ولعازر. قال عن الغني: لوقا ١٦: ٢٣-٢٤ “وفي الهاوية إذ كان يتعذب رفع عينيه ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه. فنادى وقال: يا أبي إبراهيم، ارحمني وأرسل لعازر ليبلل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني، لأني معذب في هذا اللهيب.”
يظل الناس يشعرون بالألم الجسدي والعذاب الذهني، مع إدراك دائم أن لا خلاص ولا أمل ولا حب. حتى في الجحيم، الناس لا يتوبون. يظلون في تمردهم، مما يبرر استمرار العذاب الأبدي.
الحقيقة الثالثة: الجحيم مكان يجتمع فيه الأشرار بالكامل وحتى الأشخاص “الصالحون” ظاهريًا.
قال بولس: ١ كورنثوس ٦: ٩-١٠ “أما تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله؟ لا تضلوا: لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور، ولا سارقون، ولا طماعون، ولا سكيرون، ولا شتامون، ولا خاطفون يرثون ملكوت الله.” حتى الذين يعتبرون أنفسهم “صالحين” كالشاب الغني (متى ١٩: ١٦-٢٢) سيكونون هناك مع الأشرار أمثال هتلر وستالين!
قال يسوع: متى ٧: ١٣ “ادخلوا من الباب الضيق، لأن الباب واسع والطريق رحب الذي يؤدي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه.” وسيكُون الشيطان وجنوده أيضًا هناك: متى ٢٥: ٤١ “اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته.”
الحقيقة الرابعة: الجحيم مكان بلا رجاء.
قال الغني في الهاوية: لوقا ١٦: ٢٤-٢٨ “فقال: يا أبي إبراهيم، ارحمني وأرسل لعازر ليبلل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني، لأني معذب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم: يا ابني، اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك، وكذلك لعازر البلايا. والآن هو يتعزى وأنت تتعذب. وفوق هذا كله، بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت، حتى إن الذين يريدون العبور من هنا إليكم لا يقدرون، ولا الذين من هناك يجتازون إلينا. فقال: أسألك إذًا يا أبتِ أن ترسله إلى بيت أبي، لأني لي خمسة إخوة، حتى يشهد لهم لكيلا يأتوا هم أيضًا إلى موضع العذاب هذا.”
في الجحيم لا يوجد أي بصيص أمل، لا خلاص، لا راحة. حتى الشياطين أنفسهم لا يريدون الذهاب إليه (لوقا ٨: ٢٨، ٣١). الخلاصة
أربع حقائق عن الجحيم: ١) مكان حقيقي. ٢) مكان عذاب أبدي واعٍ. ٣) مكان يجمع الأشرار والصالحين ظاهريًا. ٤) مكان بلا رجاء.
مهما كان الوصف حرفيًا أو رمزيًا، تبقى الحقيقة: الجحيم مكان معاناة رهيبة—جسديًا وذهنيًا. كيف يجب أن نستجيب لهذه الحقائق؟ الإجابة ستأتي في الجزء الثاني من هذا المقال.
